الجماعة والجامع .. في رحيل زعيم البهرة

الراحل مولانا محمد برهان الدين
الراحل مولانا محمد برهان الدين (ت 2014)

وسام السبع – الوسط البحرينية

برحيل زعيم طائفة البهرة الإسلامية محمد برهان الدين (1915 – 2014) يكون هذا الداعي الفاطمي الثاني والخمسين قد تقلّد الزعامة 50 عاماً، اتسمت فيها زعامته لهذه الفرقة الإسلامية بالكثير من الانجازات الكبيرة، سواءً على مستوى أبناء الطائفة أنفسهم أم على المستوى الإسلامي والإنساني العام.

يُتابع السلطان شئون ومصالح أبناء الدعوة أينما كانوا عبر شبكة واسعة من الوكلاء منتشرين في آسيا والخليج وأفريقية وأوروبا وكندا وأميركا واستراليا.

قبل نحو خمس سنوات قُدّر لي أن أرى وأتابع عن كثب نشاط الرجل بشكل يومي تقريباً طوال عشرة أيام في مدينة بومبي، ووجدته كسُكّة مُحماة من النشاط والهمة العالية، ورغم أنه كان يحمل يومها على كاهله الواهن ثقل 92 سنة إلا أنه في نشاط لا يهدأ وحركة دائمة في متابعة مصالح الجماعة التي يقترب عدد نفوسها المليونين، وفق ما أفاد طاقم مكتبه الشخصي. لكن الأكاديمي المتخصص في الجماعات الاسماعيلية فرهاد دفتري، يرى أن العدد الكلي للبهرة الطيبية يُقدّر في الوقت الحاضر بحوالي 700 ألف شخص، يعيش أكثر من نصفهم في كجرات. أما أكبر جماعة من البهرة الداؤدية في بومبي حوالي 60 ألف شخص.

وأتذكر أن الراحل سألني عن البحرين وبدا على دراية واسعة بأوضاعها، وتحدّث بصوت دافيء متهدّج وثغر باسم وبكلمات موجزة عن زيارته للبحرين عام 1978.

تقلّد الراحل ولاية العهد عام 1930 وله من العمر خمسة عشرة عاماً، وفي ظل والده السلطان طاهر سيف الدين (ت 1965) الذي أشرف على تربيته وتعليمه وورث عنه أساليب إدارة شئون الجماعة بتمكن واقتدار. استمر في القراءة “الجماعة والجامع .. في رحيل زعيم البهرة”

مكتبة الشيخ محمد صالح العريبي

books

وسام السبع – صحيفة الوسط

للراحل الشيخ محمد صالح العريبي (1924 – 2000) مكتبة غنية بالمخطوطات النادرة، وهي جديرة بأن يتعاقب المحققون على تمهيد السبيل للانتفاع بها والاستمداد منها بوصفها إرثاً وطنياً بالغ القيمة.

لم يعرف عن الشيخ العريبي أنه كان ناشراً للكتب المخطوطة، لكنه كان في طليعة المهتمين بالتراث المخطوط لعلماء البحرين، ومن الذين ساهموا في جمعه وحفظه، ومن الطبيعي أن عملية إحياء التراث تتشكل من حلقات متصلة وخطوات منتظمة تبدأ بالجمع والحفظ وتتواصل في صور شتى من نشر أو تفسير أو تلخيص أو نقد أو تعليق.

كان العريبي إلى جانب انشغاله بتدريس العلوم الدينية والقضاء الشرعي وحل النزاعات بين الناس؛ مغرماً بجمع التراث والمخطوطات، وإن جاءته هذه الهواية والغواية في مرحلة الشيخوخة، وكم تأسف (رحمه الله) على ما فاته من فرص كانت ستضع يده – لو استغلها – على كنوز جليلة من المخطوطات والتراث العلمي غير المنشور.

الشيخ العريبي في مكتبته
الشيخ العريبي في مكتبته

وقد نقل لي الشيخ محمد عيسى المكباس، وهو من تلامذته الذين ورثوا عنه حب التراث والمخطوطات، أن الشيخ العريبي لطالما كان يتأسف على أيام شبابه التي قضاها قريباً من الشيخ حسين علي البلادي البحراني (ت 1967) صاحب كتاب «رياض المدح والرثاء» وابن الشيخ علي البلادي مؤلف كتاب «أنوار البدرين في تراجم علماء الاحساء والقطيف والبحرين»، والذي «كانت مكتبته تضم نفائس المخطوطات وذخائر التراث، إلا أن اهتماماتي يومها – يقول العريبي – بعيدة عن المخطوطات، وكانت النجف الأشرف إلى ذلك تشهد مزاداتٍ للكتب القديمة والمخطوطات التي كانت تباع بأثمان زهيدة بسبب ما يعيشه طلاب العلوم الدينية والمجتمع النجفي بعمومه من أوضاع مادية صعبة».

استمر في القراءة “مكتبة الشيخ محمد صالح العريبي”

حين يفقد العمل السياسي «وقاره»

0 (7)

وسام السبع – الوسط البحرينية

في خمسينات وستينات القرن الماضي وما بعدهما، ارتبط العمل السياسي بقضايا مصيرية كبرى كانت الأمة العربية على امتدادها الجغرافي مهجوسة بها. وكان فتية المدارس وفتياتها على تماسٍ مباشر ومبكّر بالمنابع التي ستشكل وعيها الوطني ومسئوليتها النضالية مستقبلاً، وستشبّ عليه وربما تشيب، على يد معلّمي مدارس عرب كانوا، على اختلاف مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية، يحملون هموماً أبعد كثيراً من مصالحهم الخاصة وعالمهم الصغير. هموم زرعها الاستعمار في صدور وقلوب العربي في كل مكان.

وكانت الاتجاهات الفكرية والسياسية تفتح شهية الناس وتغريهم بالاقتراب منها والأخذ بها. كانت القضايا الكبرى حاضرة، والدافع للعمل النضالي مترسخاً، والأطر الفكرية على تنوعها موجودة كمدارس حركية تدفع باتجاه قضايا الإنسان والعدالة والتحرّر من ربقة المستعمر.

لقد كان العمل السياسي فيما مضى إنسانياً وعادلاً وجميلاً، وكانت ترفده حناجر غنائية تحمل نغماً شجيّاً مفعماً بالمحبة، في قامة الست أم كلثوم والشيخ إمام وعبدالحليم حافظ وفيروز، وكان خلف هذا الثراء الفني الملتزم كوكبةٌ رائعةٌ من الشعراء المجيدين كعبدالرحمن الأبنودي وصلاح جاهين ونزار قباني ومظفر النواب ومحمود درويش.

استمر في القراءة “حين يفقد العمل السياسي «وقاره»”

خسرنا التاريخ ولم نربح السياسة

بعدسة الفنان نادر البزاز
بعدسة الفنان نادر البزاز

وسام السبع

حدث أن صنّف عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255 هـ) كتاباً من كتبه “وبثه في الناس، فأخذه بعض أهل عصره فحذف منه أشياء وجعله أشلاء، فأحضره وقال له: ياهذا إن المصنف كالمصور، وإني قد صورت في تصنيفي صورة كانت لها عينان فعورتهما، أعمى الله عينيك، وكان لها أذنان فصلمتهما، صلم الله أذنيك، وكان لها يدان فقطعتهما، قطع الله يديك”.

ذكرتني قصة الجاحظ هذه بمحاولات بعض الهواة نبش التاريخ والتفتيش عن ما يوافق هواه السياسي وغرضه المذهبي، فيخسر التاريخ ولا يربح السياسة في غالب الاحيان.

الملاحظ أن التاريخ يأتي اليوم في المقدمة من اهتمامات البحرينين، ويحتل أولوية بالغة عند الطبقة “القارئة” بل ويتعداه الى عامة الجمهور العريض الذي وجد نفسه فجأة مسكوناً بسؤال الهوية وتحدّياتها، هذا الجمهور الذي يشعر في أعماقه بأن تاريخه بعد أن كان متناثراً على “هوامش” دفتر التاريخ الرسمي، باتت حتى هذه الهوامش أيضا عرضة للتزوير والانكار والتشكيك في بديهيات إسلامها وعروبتها، فضلاً عن مفاخرها وأمجادها الأخرى.

ولأن التاريخ الرسمي مرتبط دائماً بمشروع السلطة السياسي، فإن تاريخه يمثل تاريخ “سلطة” في مقابل “تاريخ الناس” .. البشر الذين كانوا يسكنون هذا المدى الجغرافي الضئيل. إذاً، تاريخ “السلطة” في مقابل “تاريخ الناس”، وتاريخ “المحنة” في مقابل تاريخ “الفتح”، وتاريخ “السُنة” في مقابل تاريخ “الشيعة” وهكذا دائماً هناك إرادات تتصارع فيما بينها في كتابة التاريخ لتروي القصة من زاويتها.

استمر في القراءة “خسرنا التاريخ ولم نربح السياسة”

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑