ساهمت عوامل كثيرةٌ، سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة، خلال العقود الأخيرة في أن تشهد المنطقة العربية اهتماماً متزايداً بالتاريخ قراءةً وكتابةً وتفسيراً، وتنامي الشعور بضرورة إدراك جذور الظواهر العامة في حياة الشعوب إدراكاً سليماً في عصر تميّز بأعقد التحولات الاجتماعية وأشدها تأثيراً على مصائر الناس.
وقد شهدت البحرين كغيرها من بلدان المشرق العربي، انبثاقاً للوعي التاريخي وإدراكاً لأهمية العناية بالتاريخ تسجيلاً وقراءةً ودراسةً وتفسيراً، وظهرت في هذا السياق كتابات تناولت دراسة أحداث الماضي وحاضرها، واتسعت شيئاً فشيئاً دائرة الاهتمام بالتاريخ الثقافي والمعالم الأثرية، وساهمت حيوية المنطقة ونشاطها الأدبي في تكريس هذا الاهتمام وتعميقه.
وشهد مجتمع البحرين في الربع الأول من القرن العشرين جملةً من التغيرات الاجتماعية والفكرية وعلى رأسها التعليم النظامي، الذي بدأ في العام 1919، الذي كان دون ريب أحد ركائز تنامي الوعي التاريخي عند البحرينيين. وترافق انفجار الوعي التاريخي في المنطقة مع تعاظم الإحساس بالمخاطر الفكرية والدينية والسياسية والاجتماعية الجسيمة التي أحدثها الوجود الأجنبي في المنطقة، والذي نشطت في ظلّه حركة التبشير بكل ما تمثله من محاذير دينية كان يستشعرها علماء الدين والمثقفون والأدباء بشكل خاص.